ما يمكننا الحصول عليه هو مستقبلنا، وهذا المستقبل يعتمد على ما نبنيه اليوم، لا يجب أن يكون الانتقام هو دافعنا ولكن أن نعمل معاً لنبني مستقبل جديد أفضل لنا ولأبنائنا،
حصلنا على الحرية! بنظافة ووضوح وشرف ورُقي، فعلنا ما لم تستطع فعله أي دولة أخرى في المنطقة حتى الآن، وهو انقلاب ناجح بدون إراقة للدماء (نسبياً)، لقد أظهرنا للعالم المعدن المصري الأصيل وظهر الفارق بيننا وبين غيرنا، لكن بينما كنّا نظن أن تلك هي العقبة الكبرى اتضح أن الفرص والتحديات الحقيقية لا تزال أمامنا ولا نزال نحتاج لاجتيازها، وهذا ما يجب علينا التركيز عليه الآن.
من الطبيعي أن نسعى إلى محاسبة القيادات الفاسدة من العهد الماضي، لكننا لن نسعى إلى الانتقام ولا يجب أن يكون هذا هو الدافع الذي يحركنا، ولكن لن نستطيع ان نعيد الساعة إلى الوراء إلى ٣٠ سنة ضائعة، ولن نستعيد كل الأموال المسروقة، وفي النهاية لن نحصل على العدل، لكن ما يمكننا الحصول عليه هو مستقبلنا، وهذا المستقبل يعتمد على ما نبنيه اليوم، لا يجب أن يكون الانتقام هو دافعنا ولكن أن نعمل معاً لنبني مستقبل جديد أفضل لنا ولأبنائنا، وفي هذه الأوقات الانتقالية نحتاج أن نتحلى بقدر صحي من عدم الثقة في القيادات العسكرية والدينية، فالجيش مستمر في محاكمة المدنيين في محاكم عسكرية وفي احتجاز المتظاهرين السلميين وفي السماح للجنود باستخدام العنف ضد المتظاهرين والمحتجزين وقام مؤخراً بتوسيع دائرة عقوبة الاعدام لتشمل «الأعمال الإجرامية» مثل الاستفزاز والبلطجة والإخلال بالأمن والأمان إن نتج عن هذه «الجرائم» حالات القتل، والمثير للسخرية أن قانوناً أقرّه مجلس الوزراء يجعل من التظاهر جريمة يمكن معاقبتها بالسجن لمدة تصل الي عام أو بغرامة تصل إلى ٥٠٠ ألف جنيه، علماً بأن المظاهرات هي ما جاء بحكم الجيش المؤقت في الأصل، وكل هذه النماذج من الاستغلال تحمل معها رائحة قانون الطوارئ تحت نظام مبارك.
الذي نحتاج إلى بنائه اليوم هو اقتصاد قوي، اقتصاد يوفر العمل المُجدي لقوة العمل المصرية (عمر ١٥ إلى ٦٤)بعد هذا التنبيه الضروري، نقول أن هذا الموقف يمثّل فرصة في ذات الوقت، فالتوزيع الديموجرافي في حالة نمور شرق آسيا لعب دوراً أساسياً في النمو الاقتصادي، ولنحقق نفس الشيء عندنا نحتاج إلى ظروف مواتية، نحتاج إلى تعليم أفضل لأبنائنا، وإلى إسكان في متناول الجميع، وإلى خلق فرص عمل مستدامة، التي يصل تعدادها إلى ٥٠ مليون نسمة، ونحن نعلم أن فئة الشباب العمرية هي الفئة الأكثر عدداً بتفوق كبير، أضف إلى ذلك أن مشكلة بطالة الشباب هي المشكلة الأكبر في الشرق الأوسط في القرن القادم، فالشباب تحت سن ٣٠ في المنطقة يمثّل ٦٥% من السكان، أي ٢٤٢ مليون نسمة، فإذا تخيلنا أن هؤلاء الشباب أقاموا دولة ستصبح دولتهم رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، مباشرة خلف أمريكا وقبل أندونيسيا، هذا التحدي هو أخطر التحديات التي تواجه الشرق الأوسط من حيث التنمية الاقتصادية في القرن الواحد والعشرين.
بعد هذا التنبيه الضروري، نقول أن هذا الموقف يمثّل فرصة في ذات الوقت، فالتوزيع الديموجرافي في حالة نمور شرق آسيا لعب دوراً أساسياً في النمو الاقتصادي، ولنحقق نفس الشيء عندنا نحتاج إلى ظروف مواتية، نحتاج إلى تعليم أفضل لأبنائنا، وإلى إسكان في متناول الجميع، وإلى خلق فرص عمل مستدامة، فالازدهار على المدى الطويل والاستقرار يعتمدان على الفرص المناسبة التي ستتوفر لهذا الجيل، ويمكن للوطن أن يغتنم المكاسب الكامنة في هذا الشعب الشاب من خلال رفع نسبة التعليم (خاصة بين الفتيات)، وتبنّي برامج للصحة العامة (في الصرف الصحي وزيادة المناعة وخفض معدل وفيات الأطفال)، وتنفيذ سياسات فعالة لتنظيم الأسرة، ومع زيادة معدل المعالين لكل فرد في القوة العاملة ستجني الدولة ثمار التقسيم الديموجرافي كما رأينا ذلك يحدث في اقتصادات أخرى سريعة التحوّل والنمو.
الشرق الأوسط سيبني في المستقبل طبقة اجتماعية وسطى بالاعتماد على هذا الجيل، وهذه الطبقة ستستطيع أن تكون محفزةً لمجتمعات أكثر انفتاحاً وأكثر ديمقراطية، وهذا هو تحديداً ما بدأت مصر في إظهاره أمام العالم.
لن يكون هذا إنجازاً سهلاً لكن مصر لديها الموارد الكثيرة التي تقدمها لنا الأرض الغنية، ولديها كذلك كل رأس المال البشري المطلوب للنجاح.
دينا سعيد هي حاليا المدير الإداري في يونيفاند SA، و هي المدير التنفيذي لشركة ACE و شركة SA ومؤسس PEX العالمية. قد كرست مجهوداتها في فعل الخير ، فقد عملت على تعزيز تعليم الإناث بشكل خاص ، كوسيلة لمكافحة الفقر وعدم الاستقرار الاجتماعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا